الرازي قائلا: «وقد نسبه إسماعيل پاشا (هدية ١: ٧٣) خطأ إلى «ابن» مسكويه وعنه أخذ في أعيان الشيعة وكذلك أخطأنا نحن في النابس- ص ٢٨ فإذن الكتاب ليس لمسكويه.
٤١. تجارب الأمم. وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ. كتاب جليل في التاريخ، ومصدر لا يستغنى عنه في الدراسات التاريخيّة، لم ينشر حتى الآن- مع الأسف- لا عندنا في ايران، ولا في غيرها من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، إلّا بعض أجزائه. فأخذنا على عاتقنا تحقيق نصّه ونشره بكامل أجزائه، مشفوعا بجزئى الذيل والفهارس، كما عزمنا على ترجمته إلى اللغة الفارسية، حتى لا يبقى مواطنونا الذين هم مواطنو مسكويه أيضا، محرومين من قراءته، والتمتع بما يتضمّنه هذا الأثر العظيم، من الفوائد في دراسة الماضي، والاعتبار به.
ولتجارب الأمم من حيث نظرة مسكويه التاريخية، أهميّة بالغة، كما له من حيث عرضه ونشره والاهتمام به، مصير ملتو غريب، نحاول أن نتناوله هنا بقدر ما يتيح لنا المجال في هذا التصدير، فنقول:
[التاريخ كما يراه مسكويه]
بنظرة إلى مقدمة تجارب الأمم، يتّضح أنّ التاريخ في رأى مسكويه، يشتمل على أحداث يمكن للإنسان أن يستفيد منها تجربة في حياته الفردية والاجتماعية، في أمور لا تزال يتكرّر مثلها، وينتظر حدوث أشباهها، وإذا عرف الإنسان تلك الأحداث وقيمتها التجريبيّة ثم اتّخذها إماما لنفسه، يقتدى به، فهذا يجعله يحذر ممّا ابتلى به قوم، ويتمسّك بما سعدوا به. والنظرة هذه تبتنى على رأيه القائل: إنّ أمور الدنيا متشابهة، وأحوالها متناسبة.
فباستطاعة الإنسان أن يقارن الحاضر بالماضي، ويهتدى بهدى التجارب التي حصلت فيه للأسلاف. ثم إنّ ما يحفظه الإنسان من التاريخ، كأنه تجارب له، باشرها بنفسه، فأصبح خبيرا بالأمور التي لم يجرّبها فعلا في حياته، حتى إنّه يعرفها بعد ذلك قبل وقوعها، فيستقبلها استقبال الخبر، فيفعل في علاجها الأنسب والأجدى، فيحلّ مشاكله، وينجح في مشاريعه نجاح الخبير الواعي.