الرونديّة قوم كانوا من أهل خراسان على رأى أبى مسلم صاحب دعوة بنى هاشم، يقولون بتناسخ الأرواح، ويزعمون أنّ روح آدم فى عثمان بن نهيك وأنّ جبريل هو الهيثم بن معاوية. [٣٨٤] وأنّ ربّهم الذي يطمعهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور، ويعدّدون أرواح قوم مضوا فيدّعون أنّها الآن منتقلة فى أجساد أخرين [١] هم فلان وفلان، ولا تزال تنتقل فى كلّ زمان إلى أجساد قوم فتعاقب فيها أو تثاب.
وكانوا أتوا قصر المنصور فجعلوا يطوفون به ويقولون:
- «هذا قصر ربّنا.» فحكى أبو بكر الهذلي قال: إنّى لواقف بباب أمير المؤمنين إذ طلع فقال لى رجل إلى جانبي:
- «هذا ربّ العزّة، هذا الذي يرزقنا ويطعمنا ويسقينا.» فلمّا رجع أمير المؤمنين ودخل الناس ودخلت وخلا وجهه قلت له:
- «سمعت اليوم عجبا.» وحدّثته، فنكت فى الأرض وقال:
- «يا هذلي، يدخلهم الله عزّ وجلّ النار فى طاعتنا ويقتلهم أحبّ إلينا من أن يدخلهم الجنّة بمعصيتنا.» قال: وأتوا قصر المنصور للطواف حتى شاع خبرهم فأرسل المنصور إلى رؤساء هم فحبس منهم مائتين فغضب أصحابهم وقالوا:
- «علام حبسوا؟» وأمر المنصور ألّا يجتمعوا، فأعدّوا نعشا وحملوا السرير وليس فى النعش