للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وندم المثنى على أخذه الجسر، وقال:

- «قد عجزت عجزة وقى الله شرّها بمسابقتى القوم إلى الجسر حتى أحرجتهم وإنّى غير عائد. فلا تعودوا ولا تعتدوا بى أيها الناس، فإنّها كانت زلّة، ولا ينبغي إحراج أحد إلّا من لا يقوى على امتناع.» وكان المثنى أصاب نزل مهران غنما، وبقرا، ودقيقا، فبعثوا إلى عيالات الناس، وكانوا خلّفوهنّ بالقوادس مع عمرو بن عبد المسيح بن بقيلة. فلما رفعوا للنساء [٣٤٥] فرأين الخيل، تصايحن وحسبنها غارة. فقمن دون الصبيان بالحجارة والعمد. فقال عمرو:

- «هكذا ينبغي لنساء هذا الجيش أن يكنّ.» وبشّرهنّ بالفلح [١] .

وعقد المثنى الجسر، وسرّح في طلب المنهزمين أصحاب الجسر، فأصابوا غنائم كثيرة وتبعوهم. وكتب القوّاد والرؤساء منهم إلى المثنى:

- «إنّ الله سلّم ووجّه لنا ما رأيت، وليس دون القوم شيء، أفتأذن لنا في الإقدام.» فأذن لهم. فأغاروا حتى بلغوا ساباط، وتحصّن منهم أهل ساباط، واستمكنوا من الغارة على من بينهم وبين دجلة، ومخروها لا يخافون كيدا، وانتقضت مسالح العجم، فرجعت إليهم، واعتصموا بساباط.

المثنّى يغير على قرية بغداد غارة

ثمّ إنّ المثنى بلغه خبر قرية [٢] يأتيها تجّار مدائن كسرى والسواد، ويجتمعون بها في كل سنة مرّة ومعهم فيها من الأموال كبيت المال، وتلك أيّام سوقهم.

فاستدعى المثنى من وثق به من أهل الحيرة فاستشاره.


[١] . مط: الفلاح. والطبري: الفتح (٤: ٢١٩٧) .
[٢] . أنظر الطبري ٤: ٢٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>