للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «يا أنس، إنّك امرؤ عربىّ وإن لم تكن على ديننا، فإذا رأيتنى قد حملت على مهران، فاحمل معى.» وقال لابن [مردى] [١] الفهر مثل ذلك. فأجابوه إليه. فحمل المثنى على مهران حتى أزاله، فدخل في ميمنته. ثمّ خالطوهم واجتمع القلبان، وثار الغبار والمجنّبات تقتتل، لا يفرغون لنصر أمرائهم، ولا يستطيعون ذلك، لا المشركون ولا المسلمون. وقتل غلام تغلبىّ نصراني مهران. ووقف المثنى عند ارتفاع الغبار حتى أسفر وقد فنى قلب [٢] المشركين. فأما المجنّبات فهي بحالها، فجعل المثنى يدعو لهم، ويرسل إليهم من يذمرهم ويقول:

- «المثنى [يقول] [٣] : عادتكم في أمثالهم!» حتى هزموهم. فسابقهم المثنّى إلى الجسر، فسبقهم وأخذ الأعاجم [٣٤٤] يفترقون بشاطئ الفرات مصعدين ومصوّبين، واعتورتهم خيول المسلمين فجعلهم جثاء.

فما كانت بين العرب والعجم وقعة كانت أبقى رمّة منها، كانوا يحرزونها [٤] مائة ألف، وما عفى عليها إلّا ادّفان البيوت [٥] .

فيحكى أهل تلك الناحية: أنهم كانوا يأتون البويب، فيرون في ما بين موضع السكون اليوم وبنى سليم عظاما بيضا تلولا تلوح من هامهم وأوصالهم، يعتبر بها.

وسمّى يوم البويب يوم الأعشار: أحصى مائة رجل قتل كل واحد منهم عشرة يومئذ.


[١] . مط: «مودن» والأصل غير واضح (مودى؟ نودى؟ نوبن؟) وما أثبتناه من الطبري (٤: ٢١٩٢) .
[٢] . مط: غالب المشركين.
[٣] . ما بين [] تكملة زيدت عن الطبري (٤: ٢١٩٤) .
[٤] . حرزه: قدّره بالحدس، وخمّنه. ليس في مط: «كانوا يحرزونها مائة ألف» .
[٥] . كذا في الأصل. في مط: ادفان البويب. وفي الطبري: وما عفى عليها حتى دفنها ادفان البيوت (٤:
٢١٩٣) وفي موطن آخر: وكانت وقعة البويب رمضان سنة ثلاث عشر، قتل الله عليه مهران وجيشه، وأفعموا جنبتي البويب عظاما حتى استوى وما عفّى عليها إلّا التراب أزمان الفتنة. (٤: ٢١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>