تساس بالتواني والحروب لا تدبّر بالاغترار ولا تقل المحارب لى طاهر.
فالشرارة الخفيّة ربّما صارت ضراما والثلمة من السيل ربّما تهون بها فصارت بحرا عظيما وقد قربت عساكرنا من طاهر، فلو كان رأيه الهرب لما كان يتأخّر إلى يومه هذا.» قال:«اسكت فإنّ طاهرا ليس فى هذا الموضع الذي ترى وإنّما تتحفّظ الرجال إذا لقيت أقرانها وتستعدّ المناوئ لها أكفاؤها ونظراؤها.»
[استشارة طاهر]
واستشار طاهر أصحابه لمّا قرب منه علىّ، فأشاروا عليه أن يقيم بمدينة الرىّ ويدافع القتال [٦٥] ما قدر عليه إلى أن يأتيه من خراسان المدد من الخيل ومن يتولّى الحرب دونه وقالوا:
- «مقامك بمدينة الرىّ أرفق بك وبأصحابك وأقدر لهم على الميرة وأكنّ من البرد وأقوى لك على المماطلة والمطاولة إلى أن يأتيك مدد.» فقال طاهر:
- «إنّ الرأى ليس ما رأيتم. إنّ أهل الرىّ لعلىّ هائبون ومن معرّته متّقون، ولست آمن إن حاصرنا أن يدعو أهلها خوفه إلى الوثوب بنا ومعاونته على قتالنا، مع أنّه لم يكن قوم قطّ زوحموا فى ديارهم وتورّد عليهم إلّا وهنوا وذلّوا واجترأ عليهم عدوّهم. وما الرأى إلّا أن نصيّر مدينة الرىّ وراء ظهورنا فإن أعطانا الله الظفر وإلّا عوّلنا عليها، فقاتلنا فى سككها وتحصّنّا بمنعتها إلى أن يأتينا مدد من خراسان.» فقالوا: «الرأى ما رأيت.» فنادى طاهر فى أصحابه فخرجوا فعسكروا على خمسة فراسخ من الرىّ، وأتاه محمد بن العلاء فقال له: