للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ سار علىّ بن عيسى مستهينا [٦٣] بمن يلقاه فإذا لقيته القوافل من خراسان سألها عن الأخبار فيقولون له: طاهر مقيم بالرىّ يعرض أصحابه ويرمّ آلته فيضحك ثمّ يقول لأصحابه:

- «وما طاهر والله ما بينكم وبين أن ينقصف انقصاف الشجر من الريح العاصف إلّا أن يبلغه عبورنا عقبة همذان وهل مثل طاهر يتولّى الجيوش ويلقى الحروب وهل تقوى السخال [١] على نطاح الكباش أو تصير الثعالب على لقاء الأسد.» ثمّ أمر أصحابه بطىّ المنازل والمسير، وقال لأصحابه:

- «إنّ نهاية القوم الرىّ، فلو قد صيّرناها وراء ظهورنا فتّ ذلك فى أعضادهم وانتشر نظامهم وتفرّقت جماعتهم.» ثمّ أنفذ الكتب إلى ملوك الديلم وأهدى إليها التيجان والأسورة والسيوف المحلّاة بالذهب ووعدها الصلات والجوائز وأمرهم أن يقطعوا طريق خراسان ويمنعوا من أراد الوصول إلى طاهر من المدد فأجابوه إلى ذلك وسار حتّى صار فى أوّل بلاد الرىّ وأتاه صاحب مقدّمته فقال:

- «لو كنت- أبقى الله الأمير-[٦٤] أذكيت العيون وبعثت الطلائع وارتدت موضعا تعسكر فيه وتتّخذ خندقا كان أبلغ فى الرأى وآنس للجند.» فقال: «لا، ليس مثل طاهر ومن معه استعدّ له بالمكائد والتحفّظ إنّ حال طاهر تؤول إلى أحد أمرين: إمّا أن يتحصّن بالرىّ فيبيّته أهلها فيكفونا [٢] مؤونته أو يخلّيها ويدبر راجعا أو قد قربت منه.» وأتاه يحيى بن علىّ فقال:

- «أيّها الأمير اجمع عسكرك فإنّه متفرّق، واحذر البيات فإنّ العساكر لا


[١] . ما فى الأصل مهمل، فأثبتناه كما فى الطبري ١١: ٨١٨. السخال جمع السخلة: ولد الشاة.
[٢] . فى الأصل: فيكونا. فصحّناه بما فى آ: فيكفونا.

<<  <  ج: ص:  >  >>