- «أقدم بها.» ثم شدّ على القوم شدّة، وشدّ معه أصحابه. فضرب أهل الشام حتى انتهى إلى عسكرهم. ثم قاتلوه عند العسكر قتالا شديدا، فقتل صاحب رايته، ولاح له الظفر بما اضطرب من صفوف [٨] معاوية. ونظر علىّ، فرأى الظفر من قبله، فأخذ يمدّه بالرجال.
فالتفت معاوية إلى عمرو بن العاص، فقال:
- «أما ترى أهل العراق قد استعلوا؟» فقال عمرو: «هذا الهلاك. فهلمّ حيلة.» قال: «قل، ما عندك.»
[ذكر مكيدة عمرو بن العاص]
قال:«قد رأيت أمرا إن قبلته لا يزيدنا إلّا اجتماعا، ولا يزيدهم إلّا فرقة.» قال: «نعم.» قال: «نرفع المصاحف على الرماح، ثم نقول: ما فيها حكم بيننا وبينكم. فإن أبى بعضهم إلّا القتال، وجدت فيهم من يقول: لا نقاتل حتى ننظر ما يحكم القرآن.
فتقع بينهم الفرقة، فإن قالوا بأجمعهم: نقبل حكم القرآن، رفعنا هذه الحرب، ودافعناها [١] إلى أجل وحين.» فرفعوا المصاحف بالرماح، وقالوا:
- «عباد الله! هذا كتاب الله بيننا وبينكم، من لثغور الشام بعد أهل الشام، من لثغور العراق بعد أهل العراق؟»
[١] . ما في الأصل ومط: «دافعناه» بتذكير ضمير المفعول، فأنثنا الضمير لأنه يرجع إلى «الحرب» .