مضى على وجهه. فنزلوا عن خيولهم وتفرّقوا فى خيمهم فلم يلبثوا ساعة [٢٠٦] حتى كرّ بدر راجعا وأكبّ عليهم إكبابا أعجلهم من الاستعداد والتجمّع وقتل منهم مقتلة عظيمة واحتوى على جميع ما فى معسكرهم.
وأفلت قراتكين بحشاشة نفسه فى شرذمة من غلمانه وعاد فى يومين إلى جسر النهروان وتلاحق الفلّ به واحد بعد واحد، وحمل إليه من بغداد ما لمّ به شعثه ودخل إلى داره. واستولى بدر بعد ذلك على أعمال الجبل وما والاها وقويت شوكته.
[ذكر ما جرى عليه حال قراتكين بعد عوده فى سوء تدبيره وما انتهى أمره إليه حتى آل إلى قتله]
قد تقدّم القول فيما كان حصل فى نفس شرف الدولة منه لإسرافه فى استعمال الدالّة واستيلاء كتّابه وأصحابه والتجاء كلّ متعزز إلى بابه. وعاد من الهزيمة المذكورة وقد زاد تجنّيه وتغضّبه وتضاعفت تبسّطه وتسحّبه، وأغرى الغلمان بالتوثّب فى دار المملكة على الوزير أبى منصور حتى لقوه بالصعب، وقالوا له:
- «أنت كنت السبب [٢٠٧] فى هزيمتنا بتأخيرك المال والسلاح والنجدة عنّا.» فلوطفوا ودفعوا عنه. ثمّ وقع الشروع فى إصلاح الحال بين الوزير وبين قراتكين فتمّ.
وأسرّ شرف الدولة من ذلك غيظا فكتمه فى قلبه وأمسك مرويّا فى تدبير خطبه. فلم تمض أيّام حتى قبض عليه وقيّد ثمّ قتل من يومه وأنفذ إلى داره من قبض على أصحابه وكتّابه واحتاط على معاملاتهم وأسبابهم. وخاض الغلمان فى الشغب لأجله. فلمّا أيقنوا بقتله وأرضى أكابرهم تبعهم أصاغرهم