شديد الميل إلى هذه البذول وكلّ ما يعقد معه محلول وكلّ ما يبنى لديه مهدوم.
ومن شرط السياسة أن يفي الملك بقوله وعهده وأن يصدق فى وعيده ووعده وأنّه متى أخلف استولت على المحسن الخيبة وزالت عن المسيء الهيبة، ومن قارب بين التولية والعزل لا يعقل. فنعود إلى تمام الحديث.
فخاضوا فى تدبير أمر أبى علىّ ولم يكن ببغداد من يكاتب بالقبض عليه ويوثق به فى الخروج بالسرّ إليه. لأنّ ابن سياهجنك كان من خاصته والقهرمانة معه وفى كفّته، وكلّ من وجوه الجند مائلا إلى جنبته ويخافون أن يخرجوا إنسانا من [٤٠٤] واسط فربّما شاع الخبر وظهر.
ذكر المكيدة التي رتّبت فى القبض على أبى على
أحضروا أبا الحسن محمد بن الحسن العروضي وكان بواسط، وواقفوه على أن يكاتب أبا على ويشكو إليه حاله ويسأله استدعاءه إليه وضمّه إلى جملته، ودبّروا الأمر أنّه إذا عاد الجواب إليه بالإصعاد أصعد، وقرّروا معه القبض عليه.
وكتب أبو الحسن كتابا بهذا الذكر فإلى أن عاد الجواب إليه حدث من أمر المقلّد وهجوم أصحابه على مدينة السلام ما حدث وورد الخبر بذلك على بهاء الدولة فانزعج واستدعى أبا جعفر الحجاج فى الوقت ورسم له المبادرة إليها وتلافى الحادث بها ومصالحة المقلّد والقبض على أبى على ابن إسماعيل.
ووجد أبو جعفر الفرصة فسار ووصل إلى مدينة السلام فى آخر ذى الحجّة وسيأتي ذكر ما جرى الأمر عليه بمشيئة الله تعالى.