فلم يتمّ ذلك واستعلى أبو الحسن بقوة سرّه واستظهاره بعناية السيدة به وخوف الناس منه، وصار الأمر سخيفا بهذا الرأى الضعيف.
والدولة إذا كفلها النساء فسدت أحوالها ووهنت أسبابها وبدأ اختلالها وولّى إقبالها والأمر إذا ملكنه انتقضت قواه وانهدم بناه ولم تحمد عقباه والرأى إذا شاركن فيه قلّ سداده وضلّ رشاده وعند ذلك يكون الفساد إلى الأمور أسرع من السيل إلى الحدور.
لا جرم أنّ أبا القاسم احفظه ذلك وما عاملته السيدة [١٥٦] من نصرة أبى الحسن عليه و [لمّا] رأى أنّ أبا الحسن أشدّ بطشا فى عداوته من ابن شهراكويه [١] شرع فى إخراج الملك من يدي صمصام الدولة واستغوى أسفار بن كردويه ووافقه على ذلك.
[ذكر ما جرى عليه الأمر فى عصيان أسفار]
كان قد تردّد بين صمصام الدولة وبين زيار بن شهراكويه أسرار اطّلع عليها أبو القاسم بحكم امتزاجه بالخدمة وخرج بها إلى أسفار وخاض فيها الغمرات وأشعر قلبه وحشة أخرجته من أنس الطاعة.
وتقرّر بينهما فى ذلك ما أحكما عقده ودخل معهما فى هذا الرأى المظفر أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن حمدويه وأبو منصور أحمد بن عبيد الله الشيرازي كاتب الطائع يومئذ وقد كان صمصام الدولة اعتلّ علة أشفى فيها.
فواقف أسفار أكابر العسكر وأصاغرهم على خلع صمصام الدولة وإقامة الأمير أبى نصر- وسنّه فى الوقت خمس عشرة سنة- خليفة لأخيه شرف الدولة ووعدهم بمواعيد الإحسان واستظهر عليهم بمواثيق الأيمان وابتدأ