للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمصار فكان منه فى أرفع درجة [٣٥٢] وأعلى [١] رتبة ثم إذا ترك هذه العلوم وأخذ فى الهندسة والتعاليم فلم يكن يدانيه فيها أحد.

[أبو الحسن العامري يستأنف القراءة على ابن العميد]

فأمّا المنطق وعلوم الفلسفة والإلهيات منها خاصة فما جسر أحد فى زمانه أن يدعيها بحضرته إلّا أن يكون مستفيدا أو قاصدا قصد التعلم دون المذاكرة.

وقد رأيت بحضرته أبا الحسن العامري [٢]- رحمه الله- وكان ورد من خراسان وقصد بغداد وعاد وعنده أنّه فيلسوف تامّ وقد شرح كتب أرسطاطاليس وشاخ فيها. فلمّا اطّلع على علوم الأستاذ الرئيس وعرف اتساعه فيها وتوقّد خاطره وحسن حفظه للمسطور برك [٣] بين يديه واستأنف القراءة عليه، وكان يعدّ نفسه فى منزلة من يصلح أن يتعلّم منه، فقرأ عليه عدّة كتب مستغلقة ففتحها عليه ودرّسه ايّاها.

وكان الأستاذ الرئيس- رضى الله عنه- قليل الكلام نزر الحديث إلّا إذا سئل ووجد من يفهم عنه فإنّه حينئذ ينشط فيسمع منه ما لا يوجد عند غيره مع عبارة فصيحة وألفاظ متخيرة ومعان دقيقة لا يتحبس فيها ولا يتلعثم [٤] .

ثم رأيت بحضرته جماعة ممن يتوسل إليه بضروب من الآداب والعلوم فما أحد منهم كان يمتنع من تعظيمه فى ذلك الفن الذي قصده به واطلاق القول


[١] . الكلمة ساقطة فى مط.
[٢] . هو محمد بن يوسف وفى إرشاد الأريب (١: ٤١١) أنّه توفى سنة ٣٨١. فليراجع أيضا (٣:
١٢٤) . (مد)
[٣] . فى مط: نزل.
[٤] . فى مط: يتعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>