[ذكر السبب فى طمع ابن وجيه فى البصرة ثم انهزامه منها]
كنّا ذكرنا ما كان من استيحاش القرامطة من معزّ الدولة ومن جوابه إيّاهم عن رسالتهم واستخفافه بهم. فلمّا عرف ابن وجيه ذلك كاتبهم وأطمعهم فى البصرة وسألهم أن يمدّوه من ناحية البرّ فأمدوه بأخيهم أبى يعقوب فى سريّة قويّة فورد باب البصرة وأنهض ابن وجيه رجاله فى مراكبه من ناحية البحر ونهض هو بنفسه.
ووافق ذلك فراغ المهلّبى من الأهواز فبادر إلى البصرة وأخرج معه من القوّاد والرجال والزبازب والطيارات وآلات الماء كفايته وشحنها بالرجال وأزاح عللهم فى الجيش والسلاح وأنفذ إليه معزّ الدولة [١٩٢] مددا من بغداد.
وكان المهلّبى رتّب على سور المدينة بالبصرة الرجال يحمونه وجمع إلى نفسه وجوه القوّاد مثل لشكر ورز بن سهلان وموسى فياذه وموسى بن ماكان وأشباههم من وجوه الناس وطبقات الغلمان وحارب ابن وجيه أيّاما ثم هزمه وظفر المهلبي بمراكبه ورجاله وأسر جماعة من وجوه أصحابه فخفّ بذلك بعض ما كان فى قلب معزّ الدولة وانجلى همّ كثير كان فى نفسه.
فلمّا قدم بغداد تلقّاه معزّ الدولة وجامله مديدة ثمّ وقف على طازاذ [١] مال من ضمانه له قدر وكان سبّب عليه للأتراك والمهمّات فردّ التسبيبات وطالب أصحاب المال باستحقاقاتهم وأضجر ذلك معزّ الدولة فطالب أبا محمّد