للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ودخلت سنة اثنتين ومائة]

قد حكينا ما كان من توجيه يزيد بن عبد الملك، العباس بن الوليد بن عبد الملك [٥٦٥] ومسلمة بن عبد الملك إلى يزيد بن المهلّب لمحاربته. واستعدّ يزيد للقائهما واستخلف على واسط ابنه معاوية، وجعل عنده بيت المال والخزائن والأسراء، وقدّم بين يديه أخاه عبد الملك، ثمّ سار حتّى مرّ بفم النيل، ثمّ سار حتّى نزل العقر. وأقبل مسلمة يسير على شاطئ الفرات حتّى نزل الأنبار، ثمّ عقد عليها الجسر، فعبر من قبل قرية يقال لها: فارط. ثمّ أقبل حتّى نزل على يزيد بن المهلّب وقد قدّم يزيد عبد الملك نحو الكوفة فاستقبله العباس بن الوليد بسورا [١] ، فاصطفّوا. ثمّ اقتتل القوم فشدّ عليهم أهل البصرة شدّة كشفوهم فيها، وقد كان معهم ناس من بنى تميم وقيس ممّن انهزم من يزيد من البصرة، فكانت لهم جماعة حسنة مع العبّاس بن الوليد فيهم هريم بن أبى طحمة المجاشعىّ. فلمّا انكشف أهل الشام تلك الانكشافة نادى هريم بن أبى طحمة:

- «يا أهل الشام، الله الله! إلى أين؟ أتسلموننا وقد اضطرّهم أصحاب عبد الملك إلى نهر؟» فأخذوا ينادونه:

- «لا بأس عليك، إنّ لأهل الشام جولة فى أوّل القتال [٥٦٦] أتاك الغوث [٢] ثم إنّ أهل الشام كرّوا عليهم، فكشف أصحاب عبد الملك وهزموا. وجاءهم عبد الملك حتّى انتهى إلى أخيه بالعقر وسقط إلى يزيد ناس كثير من أهل الكوفة ومن أهل الجبال. فبعث على الأرباع رؤساءهم عبد الله بن المفضّل الأزدىّ، والنعمان بن إبراهيم بن الأشتر، ومحمّد بن إسحاق بن محمّد بن الأشعث،


[١] . سورا (بالألف المقصورة) : موضع بالعراق من أرض بابل وهي مدينة السريانيّين وقد نسبوا إليها الخمر (معجم البلدان) .
[٢] . أتاك الغوث: تكررت العبارة فى الأصل، وهي غير مكرّرة لا فى مط ولا فى الطبري (٩: ١٣٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>