والأعمال وأنفذه إليه وذكر أنّه يقيم باستخراجه وأنّه إن تمادت الأيّام فى التوكيل به تمزّقت وطمع فيها فشاور معزّ الدولة من حضره وكان فيهم أبو مخلد عبد الله بن يحيى وقال:
- «هل يجوز أن أستنيم إلى هذا الرجل وقد لحقه منّى هذا المكروه العظيم؟» فقال أبو مخلد:
- «قد ضرب مرداويج وزيره أبا سهل أعظم من هذا الضرب ولحقه ما لحقك من السوء عنه ثم خلع عليه وردّه إلى أمره وكان لا يطيق المشي لما حلّ به من الضرب فركب عمّاريّة ونثر عليه فى الطريق مال ولا يمكنه أن يستقلّ بالجلوس وبقي كذلك مدّة ثم عاود مرداويج الإنكار عليه فنكبه وأتى على نفسه.»[١٩٤] فعند ذلك راسله معزّ الدولة بالركوب إليه إذا استقلّ وأزال عنه التوكيل فتجلد المهلّبى وركب بعد أيام يسيرة فخلع عليه وعاد إلى أمره.
حدّة معزّ الدولة واحتمال المهلّبى
وكان معزّ الدولة حديدا سريع الغضب بذىّ اللسان يكثر سبّ وزرائه والمحتشمين من حشمه ويفترى عليهم فكان يلحق المهلبي- رحمه الله- من فحشه وشتمه عرضه ما لا صبر لأحد عليه فيحتمل ذلك احتمال من لا يكترث له وينصرف إلى منزله.
وكنت أنادمه فى الوقت فلا أرى لما يسمعه فيه أثرا ويجلس لأنسه نشيطا مسرورا، حتى لقد سمعت أبا العلاء صاعد بن ثابت وكان يخلفه ويأنس به يعاتبه ويقول فى عرض كلامه:
- «إنّ الأمير إذا اتّصل به أنسك وقلة اكتراثك لغضبه وما يلحقك من