وبمن رتّب فيها من الزنج وإن أتاه مستأمن قبله وأحسن إليه والخبيث ينفذ أصحابه ويبثّ رجاله فى اقتطاع ما يرد المدينة من السفن وغيرها. فربّما أصاب من ذلك حاجته فيعوّض أبو أحمد التجّار ويشحن المواضع التي يقصد منها بالرجال. وندب لحفظ الطرق أبا العباس فكان يوقع بأصحاب الخبيث ويحمل رؤوسهم إلى الموفّقية ويرتّب الرجال فى الماء والبرّ حتّى ضاق الأمر بالخبيث، فعزم على كبس الموفّق.
فاستأمن بعض قوّاد الزنج وأخبر الموفّق بذلك فأعدّ له قوما، فلمّا أتاه البيان كان مستعدا، فظهر على الزنج وأصابه مثل ذلك مرّات فى كلّ مرّة يجيئه من ينذره [٥٣٤] فيستعدّ لهم حتّى ظفر يوما برجال بيّتوه وأسر وقتل من السودان نحوا من خمسة آلاف ونصب الرؤوس على سور الموفّقية.
فأشاع الخبيث فى أصحابه أنّ ذلك زور وأنّ تلك رؤوس المستأمنة. فأمر الموفّق برمي تلك الرؤوس إليهم بالمنجنيقات والعرّادات التي كانت منصوبة فى السفن معمولة لأوقات الحرب فتبيّن لأصحابه كذبه، وصار سببا لضعف نيّاتهم.
ثمّ زحف الموفّق بنفسه إلى المدينة المختارة ذكر السبب فى خروجه
كان السبب فى خروجه أنّ قوّاد الخبيث كاتبوا أبا أحمد الموفّق يعلمونه أنّهم على الخروج إليه فى الأمان وأنّهم ليس يجدون السبيل إلى ذلك وأنّه لو قدّم قوما إلى الحرب لخرجوا ووجدوا بهم سبيلا إلى مفارقة الخبيث. [١] فأنهض الموفّق أبا العباس فى آلات الماء والشذاءات وانتخب له الرجال