للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخفى شخصه رجاء أن يسكن غضبه ويعفو عنه أو يقتصر من عقوبته على السوط دون السيف.

فاستدعى بسنكلو الى بين [٧٨] يديه وأقسم لئن لم يحضر الغلام ليقيمن السياسة فيه بدلا عنه- وسنكلو يومئذ صاحب الجيش ومعه جمرة العسكر وأمره قوى وجانبه منيع وهو أشد الترك بطشا وأخشن الجند جنبا- فملكه الرعب وكان قصاراه البدار بإحضار الغلام. فلمّا أحضر وسّطه بالسيف وأجرى الفرس بين شلويه على سنّة لهم فى قتالهم.

[قياس العضد بالمعتضد فى سياسة الجناة]

ويوشك أن يكون لهذه السياسة باطن بأن تكون قد سبق للغلام جريمة يستحقّ بها القتل وأتبعها بهذه الصغيرة التي يجرى فى مثلها التعزير فقتله عضد الدولة رحمه الله، بالجريرة الكبيرة التي أوجبت قتله، وأظهر للعامة أنّه قتله بصغيرته الظاهرة لهم اقتداء بخبر وجدته فى بعض الكتب مرويّا عن المعتضد بالله رضى الله عنه، وهو أنّه كان سائرا فى موكبه فتظلم أحد الرعية من بعض الجند فيما يقارب قصّة البطيخ، فأمر بإحضاره وسحبه الى السجن وحبسه الى أن يعود الى مستقرّ عزّه فيأمر فيه.

فلمّا كان فى اليوم الثاني وأصبح الناس رأوا رجلا مصلوبا فتحدثوا بقتل الجاني بالأمس وصلبه.

فدخل أحد خواص [١] المعتضد اليه وقال له [٧٩] عند خلوّ مجلسه:

- «يا أمير المؤمنين قد كان التعزير فيما جرى يقنع من غير صلب.


[١] . هو أبو محمد عبد الله بن حمدون النديم والحكاية موجودة فى إرشاد الأريب ١: ١٥٩ وفى كتاب الأذكياء لأبى الفرج بن الجوزي ص ٤٢ قصة بطيخ أخذه بعض غلمان جلال الدولة رواها من تاريخ هلال الصابي (مد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>