وجاء أبو الحسين ابن دنحا إلى هبة الله ابن ناصر الدولة ليسلّم عليه ويهنّئه بعيد الفطر، وكان هبة الله راكبا فاستجرّ أبا الحسين ابن دنحا الحديث إلى إزاء صخر ثم رماه بخشت [١] كان فى يده فوقع فى لبّته ومضى يركض يريد الهرب فلحقه هبة الله وإنّما فعل ذلك لغيرة لحقته من تعرض ابن دنحا لغلام من غلمانه.
وبلغ هبة الله أنّ عمه لم يمت وأنّه أفاق من غشيته فخافه واستوحش مما فعله بابن دنحا فجدّ فى السير إلى حرّان.
وابن دنحا هذا هو الذي كان استأمن إلى معزّ الدولة ثم أنصرف عنه إلى سيف الدولة لأنّه لم يصل [٢٦٠] ببغداد إلى ما كان يرجوه وما جسر أن يعود إلى ناصر الدولة فساقه الحين إلى ما ذكرت.
فتبع نجا غلام سيف الدولة هبة الله فلم يلحقه ولحق سواده فأخذه وانصرف به إلى سيف الدولة يستنجده لينجده بالرجال ويقيم بحرّان ويدفع كل من نازعه عليها وطالب أهل حرّان بأن يحلفوا له أن يكونوا معه حربا لمن حاربه وسلما لمن سالمه وظنّ أهل حرّان أنّ الذي خبرهم به صحيح، فحلفوا له على ما أراد واستثنوا فى يمينهم: إلّا أن يكون الذي يحاربه عمّه سيف الدولة، فإنّهم لا يحاربونه، ورضى بذلك منهم.
فلمّا كان بعد أيام وافى نما أخو نجا غلام سيف الدولة فأغلق هبة الله وأهل حران أبواب حرّان فى وجوههم وعلم نما أنّه لا يمكنه فيهم حيلة فأظهر أنّه لم يرد حرّان وإنّما أراد قصد ارزن وميّافارقين. فانصرف عن حرّان إليها وكتب إلى أخيه نجا [يعرفه ما جرى ويغريه بأهل حران فسار نجا إلى حران فلمّا قرب منها هرب هبة الله إلى أبيه وأسلم أهل حران فنزل
[١] . كذا فى الأصل ومط: بخشت. والمثبت فى مد: بخشب. وليس صوابا.