- «يا مولاي الحرّ شديد، والبزاة لا تصيد فى مثله.» فقال: «صدقت، ولكنّا ندخل البستان ونطوف ساعة ونخرج.» فقام ومشى أرجوان خلفه ريدان بعده فأهوى ريدان عند التفات الحاكم إليه بالسكين إلى ظهر أرجوان فأطلعها من صدره. فقال أرجوان:
- «يا مولاي غدرت.» وصاح الحاكم بالخدم وتكاثروا وأجهزوا عليه، وخرج الخدم الكبار، فردّوا الجنائب وبغال الموكب والجوارح. فسألهم شكر العضدي عن الحال فلم يجيبوه، فجاء الناس أمر لم يفهموه. وعاد شكر والموكب وشهر الجند سيوفهم وظنّوا حيلة تمّت لابن عمّار على الحاكم وأحاطوا بالقصر وعظم الأمر واجتمع القوّاد والوجوه.
فلمّا رأى الحاكم زيادة الاحتياط ظهر من منظرة على أعلى الباب وسلّم على الناس، فترجّلوا له [٣٣٢] وخدموه، وأمر بفتح الباب وأنفذ على أيدى أصحاب الرسائل رقاعا بخطّ يده إلى شكر وأكابر الأتراك والقوّاد مضمونها:
- «إنّى أنكرت من أرجوان أمورا أوجبت قتله وقتلته. فالزموا الطاعة وحافظوا على ما فى أعناقكم من الأيمان.» فلمّا وقفوا عليها أذعنوا وسلّموا، واستدعى الحسين بن جوهر، وكان من شيوخ القوّاد، فأمره بصرف الناس. فصرفهم وعادوا إلى دورهم والنفوس خائفة وجلة من فتنة تثور بين المشارقة والمغاربة.
ثم جلس الحاكم بعد عشاء الآخرة واستدعى الحسين بن جوهر وفهد بن ابراهيم، وتقدّم بإحضار الكتّاب فحضروا وأوصلهم إليه وقال لهم:
- «إنّ فهدا كان كاتب أرجوان وهذا اليوم وزيرى، فاسمعوا له وأطيعوا.» وقال لفهد: