حضرته منصرفا إليه من سرّ من رأى ووافى معه بجيش كثيف بلغ عدد الفرسان والرجّالة فيها عشرة آلاف. فأمر الموفّق بإزاحة عللهم فى أرزاقهم وأمرهم بتجديد أسلحتهم والتأهّب لحرب الزنج. فهم فى ذلك إذ ورد [٥٤٥] عليه كتاب لؤلؤ صاحب ابن طولون [١] وكان فارق صاحبه يسأله فيه الإذن له فى القدوم عليه ليشهد حرب الفاسق فأجابه وأذن له وأخّر ما كان عزم عليه من مناجزة الخبيث انتظارا للؤلؤ وكان لؤلؤ بالرقّة فى جمع عظيم من نخبة أصحاب ابن طولون.
فشخص لؤلؤ حتّى ورد مدينة السلام، ثمّ وافى عسكر أبى أحمد فجلس له أبو أحمد وحضر ابنه أبو العباس وصاعد بن مخلد والقوّاد على مراتبهم وأدخل عليه لؤلؤ فى أحسن زىّ فأمره أبو أحمد أن ينزل معسكرا كان أعدّ له بإزاء نهر أبى الخصيب، فنزله فى أصحابه، وتقدّم إليه فى مباكرة دار الموفّق ومعه قوّاده وأصحابه للسلام. فغدا مع أصحابه فى السواد فوصل وسلّم وقرّبه وأدناه ووعده وأصحابه الإحسان، وأمر أن يخلع عليه وعلى خمسين ومائة قائد من قوّاده وحمله على خيل كثيرة بالسروج واللجم المحلّاة بالذهب والفضّة وحمل بين يديه من أصناف الكسى والأموال فى البدر ما يحمله مائة غلام، وأمر لقوّاده من الصلات والكسوة على قدر محل كلّ إنسان منهم، وأقطعه ضياعا جليلة وصرفه إلى معسكره وأعدّت له ولأصحابه الأنزال [٥٤٦] والعلوفات وأمره برفع جرائد لأصحابه ليعطوا رسومهم عند رفع الجرائد. ثمّ تقدّم إلى لؤلؤ فى التأهّب للعبور إلى غربىّ دجلة لمحاربة الخبيث.
وكان الخبيث لمّا غلب على نهر أبى الخصيب أحدث سكرا فى النهر من