ويستمل الأتراك ويوسع عليهم فمشى بعضهم إلى بعض وتوافقوا على الفتك به، ثم رأوا أن يستأذنوا سبكتكين الحاجب فقصده جماعة لذلك.
ونمى الخبر إلى بختيار فتقدم إليه بالمصير إلى سبكتكين واستصلاحه وطرح النفس عليه ومسألته كفّ القوم وضم إليه الوزير أبا الفضل ليعاونه وبينهما إذ ذاك منافقة لم ينهتك سترها. فقصدا سبكتكين ووجدا طائفة كثيرة من الأتراك عنده يستأمرونه فى قتل شيرزاد فلم يأذن لهم ولكن أمرهم بتخويفه حتى يهرب وألّا يقارّوه بالحضرة. فأمسكوا عن قتله [٣٢٨] بعد أن همّوا به. وكان يجرى أمره مجرى صالح بن وصيف بسرّ من رأى أيام المهتدى بالله.
فلمّا وصل شيرزاد وأبو الفضل الوزير إليه وخاطباه وتضرّعا إليه صدّقهما عن الصورة وأعلمهما أنّه لولا خطره على الأتراك لقتل شيرزاد ولما تركوه أن يصل إليه وأشار عليه بالرحيل من ساعته إلى حيث شاء.
فخرج وهو يائس من صلاح حاله وخائف على مهجته فصادف الأتراك مجتمعين فى دار سبكتكين يموجون فى أمره ويتوعدونه ويغلظون له ويشتمونه، فأسرع الخروج إلى حضرة بختيار وعرّفه ما جرى، ثم التفت إلى الوزير فأسمعه غليظ ما يكره وقال له:
- «هذا من عملك وتدبيرك.» فحلف له بالطلاق على براءته مما ظنّه به فأجابه بيمين الطلاق أنّه كاذب فى جحوده.
ثم خلا بختيار بشيرزاد فحذّره شيرزاد من الوزير أبى الفضل وعقد معه عقدا وعهد إليه عهدا فى صرفه عن الوزارة والقبض عليه واستصفاء نعمته