- «رأيت فى المنام رسول الله صلّى الله عليه فقال لى: قل للأفشين إن أنت حاربت هذا الرجل وجددت فى أمره، وإلّا أمرت الجبال أن ترجمك بالحجارة.» فتحدّث الناس بذلك فى العسكر حتّى صار جلّ حديثهم به علانية كأنّه مستور.
فبعث الأفشين إلى رؤساء المطوّعة فأحضرهم وقال لهم:
- «أحبّ أن تروني هذا الرجل.» فأتوه به، فانحشر [٢٢٨] معه الناس فقرّبه وأدناه ثمّ قال:
- «قصّ علىّ رؤياك ولا تحتشم. فإنّك إنّما تؤدّى.» قال: «رأيت كذا وكذا.» فقال: «الله يعلم بنيّتى وما أريده للمسلمين وبهؤلاء الخلق، وإنّ الله عزّ وجلّ لو أراد أن يأمر الجبال برجم أحد لرجم الكافر وكفانا مؤونته، فكيف يرجمنى حتّى أكفيه مؤونته، كان يرجمه ولا يحتاج أن أقاتله، وأنا أعلم أنّ الله مطّلع على قلبي وما أريد بكم يا مساكين.» فقال رجل من المطوّعة من الوجوه:
- «أيّها الأمير، لا تحرمنا شهادة إن حضرت [١] ، فإنّما قصدنا ثواب الله ووجهه، ولو أردنا الحياة لقعدنا فى منازلنا، فدعنا وحدنا حتّى نتقدّم بعد أن يكون بأذنك، فلعلّ الله أن يفتح علينا.» فقال الأفشين:
- «أرى نيّاتكم حاضرة، وأحسب هذا الأمر يريده الله، وقد نشطتم ونشط أصحابى وقد حدث لى الساعة رأى فى ذلك وهو خير إن شاء الله، اعزموا
[١] . كذا فى الأصل. ما فى الطبري (١١: ١٢١٠) : إن كانت قد حضرت.