للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزبير وطلحة ونفرا معهم. وأخذ أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم:

- «إنّ الأرض كافرة، وقد رأى وفدهم منكم قلّة، وإنّكم لا تدرون أليلا تؤتون، أم نهارا؟ وأدناهم منكم على بريد [١] وقد كان القوم يأملون أن نوادعهم، ونقبل منهم وقد أبينا عليهم، ونبذنا إليهم [٢] فاستعدّوا وأعدّوا.» فما لبثوا إلّا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارّة [٣] مع الليل وخلّفوا ردءا [٤] لهم بذي حسى، فوافوا الأنقاب [٥] وعليها المقاتلة ودونهم أقوام [٦] يدرجون.

فنهنهوهم [٧] وأرسلوا إلى أبى بكر بالخبر. فخرج أبو بكر في أهل المسجد على النواضح إليهم فانهزموا واتّبعهم المسلمون على إبلهم حتى بلغوا ذا حسى. فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها وجعلوا فيها الحبال، ثم دهدهوها [٨] بأرجلهم في وجوه الإبل فتدهده كل نحى في طوله [٩] فنفرت الإبل إبل المسلمين وهم عليها، ولا تنفر [٢٩٥] من شيء نفارها من الأنحاء. فعاجت بهم ما يملكونها [١٠] حتى دخلت بهم المدينة، إلّا أنّه لم يصرع مسلم ولم يصب، وظنّ القوم بالمسلمين الوهن فبعثوا إلى الناس بالخبر فقدموا عليهم أعمارا [١١] .

وبات أبو بكر ليلته يتهيّأ، فعبّى الناس، ثم خرج في تعبئته من أعجاز [١٢] ليلته يمشى، فما طلع الفجر إلّا وهم مع العدوّ في صعيد واحد. فما سمعوا لأحد من


[١] . البريد: الرسول، ثم استعمل في المسافة التي يقطعها بين كل منزلين وهي اثنا عشر ميلا (الأقرب) أنظر تعاليقنا على ص ٥٣.
[٢] . نبذ إلى العدو: رمى إليه بالعهد.
[٣] . في مط والطبري (٤: ١٨٧٤) غارة. ويمكن أن نقرأ ما في الأصل «غارّه» أو «عارّه» .
[٤] . مط: أزدا. والردء: العون والناصر.
[٥] . الأنقاب: جمع مفرده النقب: الطريق في الجبل.
[٦] . مط: بدون «أقوام» .
[٧] . نهنهه: كفّه وزجره. نهنه الدابة: صاح به لتكفّ.
[٨] . دهدهه: دحرجه. تدهده: تدحرج.
[٩] . الطول: الحبل يربط في وتد ونحوه للدابة، فترعى مقيدة (مو) .
[١٠] . في الأصل ومط: «ما يملكوها» .
[١١] . جاء عمرا: جاء بطيئا. في الطبري: اعتمادا في الذين. في حاشيته: اعتمارا في الدين.
[١٢] . وفي الطبري: ثم خرج على تعبئة من أعجاز ليلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>