قال: فبعث الربيع إلى يحيى بن خالد، وكان يودّه ويثق به ويعتمد على رأيه:
- «يا با علىّ، ما ترى، فإنّه لا صبر لى على جرّ الحديد.» قال:
- «أرى ألّا تبرح موضعك وأن توجّه الفضل ابنك ليستقبله ومعه من الهدايا والطرف ما أمكنك، فإنّى لأرجو ألّا يرجع إلّا وقد كفيت ما تخاف إن شاء الله.» ولمّا قدم هارون كان الجند قد شغبوا على الربيع، وأخرجوا من كان فى حبسه. وكان العبّاس بن محمّد، وعبد الملك بن صالح، ومحرز بن إبراهيم، حضروا ورأوا أن يرضوا ويطيّب بأنفسهم وتفرّق جماعتهم بإعطاءهم أرزاقهم، فبذل ذلك لهم، فلم يرضوا ولم يثقوا بما ضمن لهم من ذلك حتّى ضمنه محرز بن إبراهيم، فقنعوا بضمانه فتفرّقوا. فوفى لهم وأعطوا رزق ثمانية عشر شهرا.
وأخذ هارون البيعة لموسى الهادي وله بولاية العهد من بعده وضبط أمر بغداذ.
ثمّ قدم الهادي وكان فى نفسه على الربيع ما ذكرناه ومن إعطائه الجنود قبل قدومه. ولمّا وجّه الربيع ابنه الفضل فتلقّاه بما أعدّ له من الهدايا بهمذان، أدناه وقرّبه وقال:
- «كيف [٥١٧] خلّفت مولاي؟» فكتب بذلك إلى أبيه، فاستقبله الربيع، فعاتبه الهادي، فاعتذر إليه وأعلمه السبب الذي دعاه إلى ذلك، وولّاه الوزارة مكان عبد الله بن زياد بن أبى ليلى، وضمّ إليه ما كان عمر بن بزيع يتولّاه من الزمام.