للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرس قائد فى بئر منها فوقف أصحاب أبى العباس على حيلته فحذروا ذلك السمت ولم يمتحن غير ذلك القائد الواحد.

ثمّ عاودوا التعرّض للحرب فى كلّ يوم إلى أن استجرأ عليهم جند أبى العباس فكان أبو العباس يقصدهم ويقتل ويأسر ويستنقذ نساء المسلمين وصبيانهم ويردّهم إلى أهليهم إذ عرض لأبى العباس كركىّ يطير، فرماه بسهم فشكّه فسقط بين أيدى الزنج ورأوا موقع السهم منه، فعلموا أنّه سهم أبى العباس، فاستشعروا الرعب منه فكانوا إذا رأوا علامته انهزموا.

ثمّ عزم أبو أحمد الموفّق على المصير إلى الجيش ومباشرة الأمر بنفسه فعزم [٥٢٢] أبو العباس على قصد نهر سوق الخميس قبل موافاة أبيه.

فقال له نصير:

- «إنّ ذلك النهر ضيق فأقم أنت وأذن لى فى المسير إليه.» فأبى أن يدعه حتى يعاينه [١] فقيل له: إن كنت لا بدّ فاعلا فلا تكثر عدد من يحمل معك فى الشذاءات.

فاستعدّ أبو العباس وسار نصير بين يديه واستأذنه رجل من قوّاده يقال له موسى دالحوا [٢] أن يكون بين يديه فأذن له وسار حتّى انتهى إلى فوهة النهر المؤدّى إلى مدينة سليمان بن موسى الشعراني وغاب عنه نصير حتّى خفى خبره وخرج عليه فى ذلك الموضع خلق فتحدّث من كان معه قال: لمّا حالوا بيننا وبين الانتهاء إلى السور- وكان بيننا وبينه مقدار فرسخين- حاربناهم فاشتدّت الحرب وخفى أمر نصير علينا والزنج يهتفون بنا:

- «أخذنا نصيرا وأنتم فى قبضتنا.» فاغتمّ أبو العباس لذلك ورحل منه فاستأذنه محمد بن شعيب أن يأتيه


[١] . كذا فى الأصل والطبري (١٣: ١٩٥٨) : يعانيه. فى مط: يعاتبه.
[٢] . فى مط: والخوا. فى الطبري (١٣: ١٩٥٨) : دالجويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>