وتحنّط، ثمّ وضع ذلك الطيب على رأسه ولحيته، ثمّ خرج فى تسعة عشر نفسا فيهم السائب بن مالك الأشعرىّ، وكان خليفته على الكوفة إذا خرج. ولما خرج المختار من القصر قال للسائب:
- «ماذا ترى؟» قال:
- «أنا أرى، أم الله؟» قال:
- «بل الله، ويحك أحمق أنت. إنما أنا رجل من العرب لمّا رأيت ابن الزبير انتزى على الحجاز، ورأيت نجدة انتزى على اليمامة، ورأيت مروان انتزى على الشام، لم أكن دون أحد من رجال العرب، فأخذت هذه البلاد، وكنت كأحدهم، إلّا أنى قد طلبت بثأر أهل بيت النبىّ، صلّى الله عليه وسلّم وعليهم، إذ نامت عنه العرب، فقتلت من شرك فى دمائهم، وبالغت فى ذلك إلى يومى هذا. فقاتل على حسبك إن لم تكن لك نيّة.» - «قال: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦، وما كنت أصنع أن أقاتل على حسبي؟» فتمثّل المختار عند ذلك بشعر غيلان بن سلمة الثقفىّ [١] : [٢٦٢]
ولو يراني أبو غيلان إذ حسرت ... عنّى الهموم بأمر ما له طبق