للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إنّ هذا مدرك بن المهلّب يريد أن يلقى بينكم الحرب وأنتم فى بلاد عافية فى طاعة وعلى جماعة.» فخرجوا ليلا يستقبلونه ويكيدونه. وبلغ ذلك الأزد، فخرج منهم نحو ألفى فارس حتّى لحقوهم قبل أن ينتهوا إلى رأس المفازة. فقالوا لهم:

- «ما جاء بكم وما أخرجكم إلى هذا المكان؟» فاعتلّوا عليهم بأشياء ولم يقرّوا أنّهم خرجوا ليكيدوا مدرك بن المهلّب.

فقال لهم الأزد:

- «بل قد علمنا أنّكم لم تخرجوا إلّا لتلقّى صاحبنا وها هو ذا منكم قريب، فما شئتم.» ثم أسرعت الأزد حتّى لقوا مدركا على رأس المفازة، فنصحوا له وأعلموه أنّه يقع فى بلاء لا يدرون ما عاقبته ويشيرون عليه بالانصراف إلى أن يتمّ أمر يزيد.» فقبل ورجع من مكانه.

ثم إنّ يزيد بن المهلّب لمّا استجمع له أهل البصرة، صعد المنبر وخطبهم وأخبرهم أنّه [١] يدعوهم [٥٦٢] إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ويحثّ على الجهاد ويزعم أنّ جهاد أهل الشام أعظم ثوابا من جهاد الترك والديلم.

فكان الحسن البصري حاضرا. فرفع صوته وقال:

- «والله لقد رأيناك واليا ومولّيا [٢] عليك، فما ينبغي لك.» فوثب عليه من كان بجنبه، فأخذوا بيده وفمه وأجلسوه، وما شكّ الناس أنّه سمعه ولكنّه لم يلتفت إليه ومضى فى خطبته.

ثم إنّ الحسن خرج يخذّل الناس عنه ويقول:


[١] . ما فى الأصل: أنهم. وهو سهو. فصحّحناه كما فى مط والطبري (٩: ١٣٩١) .
[٢] . مولّيا: كذا فى الأصل ومط والطبري. وما فى بعض الأصول: مواليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>