فقال:«أصلح الله الأمير، خلّتان كلتاهما لك: إن تسر تغث الأثقال وتخلّصهم، وإن أنت انتهيت إليهم وقد هلكوا، فقد قطعت قحمة لا بدّ من قطعها.» فقبل رأيه وسار يومه كلّه.
قال: ودعا أسد قبل أن يسير سعيدا الصّغير، وكان عالما بطريق الختّل فارسا، وكتب معه كتابا إلى إبراهيم يأمره بالاستعداد ويعلمه أنّ خاقان طواه وتوجّه إلى ما قبلك. ثم قال له:
- «سر [٩٤] بالكتاب إلى إبراهيم حيث كان قبل الليل، فإن لم تفعل فأسد بريء من الإسلام إن لم يقتلك، وأنت لحقت بالحارث هربا منّى، فعلىّ مثل الّذى حلفت. إنّى أبيع أمرأتك دلال فى سوق بلخ، وجميع أهل بيتك.» قال سعيد:
- «فادفع إلىّ فرسك الكميت الذّنوب.» قال:
- «لعمري، لئن جدت بدمك وبخلت عليك بالفرس، إنّى للئيم.» فدفعه إليه وسار على دابّة من جنائبه وغلامه على فرس معه فرس أسد يجنبه. فلمّا حاذى غبرة طلائع التّرك تحوّل إلى فرس أسد، فطلبته الطّلائع، فركض ولم يلحقوه. وأتى إبراهيم بالكتاب وتبعه بعض الطّلائع حتّى وافوا عسكر إبراهيم والأثقال. فرجعوا إلى خاقان فأخبروه. فغدا خاقان اليوم الثّانى على الأثقال وقد خندق إبراهيم خندقا والنّاس قيام عليه. فأمر خاقان أهل السّغد بقتالهم. فلمّا دنوا من مسلحة المسلمين، ثاروا فى وجوههم فهزموهم، وقتلوا منهم رجلا.
فقال خاقان:
- «اركبوا.» وصعد تلّا مشرفا، وجعل ينظر العورة، ووجّه المقاتلة وكذا كان يفعل ينفرد فى رجلين [٩٥] أو ثلاثة، فإذا رأى عورة أمر جنوده فحملت من ناحية العورة.