- «أدخلوه الخزائن ليرى ما أعددناه.» قال: فأدخلت خزائنه، فقلت فى نفسي يا سليمان، شمت بك حسّادك، ليس هذا إلّا لكراهية الصّلح، وسأنصرف بخفّى حنين. قال: فرجعت إليه فقال لى:
- «كيف رأيت الطّرق فى ما بيننا وبينكم؟» قلت:
- «سهلا كثير الماء والرّعى.» فقال:
- «ما علمك؟» قلت:
- «غزوت غرشستان [١] ، والختّل وطبرستان. فكيف لا اعلم؟» قال:
- «فكيف رأيت ما أعددنا؟» قلت:
- «رأيت عدّة حسنة [١٥٣] ولكنّى أعلم أنّ صاحب الحصار لا يسلم من خصال.» قال:
- «وما هنّ؟» قلت:
- «لا يأمن أقرب النّاس إليه وأحبّهم له وأوثقهم فى نفسه أن يثب عليه، ويتقرّب به، أو يفنى ما جمع بطول المدّة، فيسلّم، برمّته، أو تصيبه الأدواء الّتى لا يجد أدويتها ومعالجها فيموت.» فقطب وقال لى:
- «انصرف إلى منزلك.» فانصرفت وأنا لا أشكّ فى تركه الصّلح.
فدعاني بعد يومين، فحملت كتاب الصّلح ومعى غلامي، وقلت له:
- «إن أتاك رسولي فطلب الكتاب فقل: إنّى خلّفته فى منزلي.»
[١] . فى الطبري (٩: ١٦٩٦) : غرشستان وغور، وطبرستان.