وأخذ هشام يعيب الوليد ويتنقّصه، وزاد حتى قصد أصحابه. فخرج الوليد لمّا رأى ذلك مع خاصّته حتّى نزل بالأزرق على ماء يقال له: الأعدف، وخلّف كاتبه عياض بن مسلم مولى عبد الملك بن مروان بالرّصافة، ووصّاه أن يكاتبه بما يحدث، وأخرج معه عبد الصّمد بن عبد الأعلى. فقطع هشام عن الوليد ما كان يجرى عليه، وكتب إليه:
- «بلغني أنّك اتّخذت عبد الصّمد خدنا ونديما، وقد حقّق ذلك عندي أشياء بلغتني عنك، ولم أبرّئك من سوء، فأخرج عبد الصّمد مذموما مدحورا.» فأخرجه إليه، وكتب إليه:
- «إنّى قد أخرجت إليك عبد الصّمد.» واعتذر إليه ممّا بلغه.
وبلغ هشاما أنّ عياض بن مسلم يكاتب الوليد بالأخبار، فأخذه، وضربه ضربا مبرّحا، والبسه المسوح. [١٦٤] فبلغ الوليد، فقال:
- «من يثق بالنّاس ويصطنع المعروف؟ هذا الأحول المشؤوم قدّمه أبى على أهل بيته، ثمّ صيّره ولىّ عهده، ويصنع بى ما ترون! اللهمّ أجزنى منه.
وقال:
أنا النذير لمسدى نعمة أبدا ... إلى المقاريف ما لم تخبر [١] الدخلا
إن أنت أكرمتهم ألفيتهم بطرا ... وإن أهنتهم ألفيتهم ذللا
[١] . لم تخبر: كذا فى الأصل. ومط. وفى الطبري (٩: ١٧٤٥) : لم تخبر.