للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب هشام فى الجواب إلى الوليد:

- «قد فهم أمير المؤمنين ما كتبت به فى قطع ما قطع عنك وغير ذلك، وأمير المؤمنين يستغفر الله من إجرائه ما كان يجرى عليك، وأمير المؤمنين أخوف على نفسه فى اقتراف المآثم حيث أجرى عليك ممّا أحدثه فى قطع ما قطع ومحو من محا من صاحبتك لأمرين: أحدهما إيثار أمير المؤمنين ايّاك بما كان يصل إليك وهو يعلم وضعك له فى غير موضعه، والآخر اثبات أصحابك وإدرار أرزاقهم، وهم لا ينالهم ما ينال المسلمين فى كلّ عام من مكروه الغزو، وهم معك تجول بهم فى سفهك، ولأمير المؤمنين أخرى بالتّقصير فى الغير عليك، منه فى الاعتداء عليك، مع أنّ الله قد بصّر أمير المؤمنين فى قطع ما قطع عنك من ذلك ما يرجوا به تكفير ما يتخوّف مما سلف فيه.

وأمّا ما ذكرت ممّا [١٦٦] سبّب الله لك، فإنّ الله ابتدأ أمير المؤمنين بذلك واصطفاه له، والله بالغ أمره. فقد أصبح أمير المؤمنين وهو على اليقين من ربّه، لا يملك لنفسه فى ما أعطاه الله من كرامته ضرّا ولا نفعا، وأنّ الله ولىّ ذلك منه، وأنّه لا بدّ له من مزايلته، والله أرأف بعباده وأرحم من أن يولّى أمرهم غير الرّضا له منهم، وأنّ أمير المؤمنين من حسن ظنّه بربّه- لعلى أحسن الرّجاء أن يولّيه من هو أهله، فإنّ بلاء الله عند أمير المؤمنين أعظم من أن يبلغه ذكره أو يؤدّيه شكره إلّا بعون منه له [١] . ولعمري، إنّ كتابك إلى أمير المؤمنين بما كتبت به، لغير مستنكر من سفهك

و


[١] . منه له: كذا فى الأصل وآ: منه له. فى مط والطبري: منه. (بدون «له» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>