- «ما زلنا منتصفين من القوم قاهرين لهم حتّى جاء العبّاس بن الوليد فمال إلى عبد العزيز بن الحجّاج بن الوليد فوثب أهل حمص إلى دار العبّاس، فانتهبوها وسلبوا حرمه، وأخذوا بنيه وحبسوهم، وطلبوه فخرج إلى يزيد بن الوليد.» وبلغ ذلك مروان بن عبد الله بن عبد الملك فوافقه ذلك وتابعهم وكتب أهل حمص بينهم كتابا وتواثقوا فيه على ألّا يدخلوا فى طاعة يزيد وكاتبوا رؤساء الأجناد [١] ودعوا إلى وليّى العهد وكانا صبيّين بعد، فلمّا بلغ يزيد بن الوليد خبرهم وجّه إليهم رسلا فيهم يعقوب بن هاني وكتب معه:
- «إنّه ليس يدعو إلى نفسه، ولكن يدعوهم إلى الشّورى.» فقال عمرو بن قيس السّكونى:
- «قد رضينا بولىّ عهدنا.» يعنى ابن الوليد.
فأخذ يعقوب بلحيته. فقال:
- «أيّها الغشمة، إنّك قد خرفت وذهب عقلك. إنّ الذي تعنى لو كان يتيما فى حجرك لم يحلّ لك أن تدفع إليه ماله فكيف أمر الأمة؟» فوثب [١٩٣] أهل حمص على رسل يزيد بن الوليد فطردوهم.
ثمّ أقبل أهل حمص، فنزلوا قرية كانت لخالد بن يزيد بن معاوية، وأمرهم إلى رجل يعرف بأبى محمّد السفياني. فتكلّم مروان بن محمّد بشيء اتّهموه فيه، فوثبوا عليه وقتلوه. ولمّا بلغ يزيد أمر أهل حمص دعا عبد العزيز بن الحجّاج، فوجّهه فى ألف وخمسمائة ووعده أن يمدّه وكان سليمان بن هشام قد بادرهم فنزلوا بالسليمانية وكان أهل حمص قد نزلوها قبلهم وأراحوا دوابّهم