- «ألم يصيّر نصر سلطانه وولايته فى أيدى قومك، ألم يخرجك من أرض الترك ومن حكم خاقان،- وعدّدوا عليه ما اصطنعه إليه- أتخالفه فتفرّق أمر عشيرتك وتطمع فيهم عدوّهم؟ فنذكّرك الله أن تفرّق جماعتنا.» فقال الحارث:
- «إنّى لا أرى فى عشيرتي شيئا من الولاية.» ولم يجبهم بما أرادوا.
وخرج فعسكر وأرسل إلى نصر يسأله أن يجعل الأمر شورى. فأبى نصر، وخرج الحارث، فأتى منازل آل يعقوب بن داود. وكان الحارث يظهر أنّه صاحب الرايات السود. فأرسل إليه نصر:
- «إن كنت كما تزعم وإنّكم تهدمون سور دمشق وتزيلون أمر [١] بنى أميّه فخذ منّى خمسمائة رأس من الدوابّ ومائتي بعير واحمل إليك من الأموال ما شئت ومن آلة الحرب وسر، فلعمرى لئن كنت الإمام صاحب الأمر إنّى لفى يدك، وإن كنت لست ذلك [٢٤٦] فقد أهلكت عشيرتك.» فقال الحارث:
- «قد علمت أنّ هذا حقّ، ولكن لا يبايعني عليه من صحبني.» فقال نصر:
- «فقد استبان لك أنّهم ليسوا على رأيك ولا لهم مثل بصيرتك وأنّهم فسّاق ورعاع فأذكّرك الله فى عشرين ألفا من ربيعة واليمن سيهلكون فيما بينكم.» وعرض نصر على الحارث أن يوليه ما وراء النهر ويعطيه ثلاثمائة ألف فلم يقبل. فقال له نصر: