الفريقان فقتل من شيعة [٢٧٠] بنى مروان نفر وأسر جماعة. وحمل عبد الله الطائي على يزيد مولى نصر وهو عميد القوم، فأسره، وانهزم أصحابه. فوجّه أبو نصر بالأسير مع عبد الله الطائي وعدّة من أصحابه ومعهم الأسرى والرؤوس. وأقام أبو نصر فى معسكره، فقدم الوفد على أبى مسلم فى معسكره بسيفيذنج. فأمر أبو مسلم بالرؤوس فنصبت على باب الحائط الذي فى معسكره، ودفع يزيد والأسرى إلى أبى إسحاق خالد بن عثمان، وأمره أن يعالج يزيد مولى نصر من جراحات كانت به ويحسن تعهّده.
وكتب إلى أبى نصر مالك بالقدوم عليه. فلمّا اندمل يزيد مولى نصر من جراحاته دعاه أبو مسلم فقال:
- «إن شئت أن تقيم معنا وتدخل فى دعوتنا، فقد أرشدك الله، وإن كرهت فارجع إلى مولاك سالما وأعطنا عهدك بالله ألّا تحاربنا أبدا، ولا تكذب علينا، وأن تقول فينا ما رأيت.» فاختار الرجوع إلى مولاه. فخلّى له الطريق وقال أبو مسلم لأصحابه:
- «إنّ هذا سيردّ عنكم الورع والصلاح فإنّا عندهم على غير الإسلام.» وكذلك كانوا عندهم يرجفون عليهم بعبادة الأوثان واستحلال الدماء والأموال [٢٧١] والفروج. فلمّا قدم يزيد على نصر قال له:
- «لا مرحبا بك، والله ما استبقاك القوم إلّا ليتّخذوك حجّة علينا.» قال يزيد:
- «فهو والله ما ظننت. وقد استحلفونى الّا أكذب عليهم. وأشهد: لقد رأيتهم يصلّون الصلاة الخمس لمواقيتها بأذان وإقامة، ويتلون القرآن ويذكرون الله كثيرا ويدعون إلى ولاية آل رسول الله صلّى الله عليه، وما أحسب أمرهم إلّا سيعلوا ويظهر.» فهذه أوّل حرب كانت بين الشيعة العبّاسية وشيعة بنى مروان.