فبعث نصر بن سيّار إلى أبى مسلم يلتمس منه أن يدخل مع مضر، وبعث ربيعة وقحطان إليه بمثل ذلك. فتراسلوا أيامّا. فأمرهم أبو مسلم أن يقدم عليه وفد الفريقين حتّى يختار أحدهما. ففعلوا وأمر أبو مسلم الشيعة أن تختار ربيعة وقحطان، فإنّ السلطان فى مضر وهم عمّال مروان وهم قتلة [١] يحيى بن زيد، فقدم الوفدان.
فكان فى وفد مضر عقيل بن معقل، وعبيد الله بن عبد ربّه، فى رجال منهم.
وكان فى وفد قحطان عثمان بن الكرمانىّ ومحمّد بن المثنّى فى رجال منهم.
فلمّا دخلوا إلى أبى مسلم كان معه فى البيت سبعون رجلا من الشيعة وكان أبو مسلم كتب كتابا يقرأ على الشيعة ليختاروا أحد الفريقين. فلمّا فرغ من قراءة الكتاب، قام سليمان بن كثير فتكلّم وكان خطيبا مفوّها فاختار علىّ بن الكرماني وأصحابه ثمّ قام رجل بعد رجل من وجوه الشيعة فتكلّموا نحو كلام سليمان. ثمّ قام مزيد بن شقيق فقال:
- «مضر قتلة آل النبىّ وأعوان بنى أميّة وشيعة مروان، ودماؤنا فى أعناقهم، وأموالنا فى أيديهم، ونصر بن سيّار عامل مروان على [٢٨٩] خراسان ينفذ أموره ويدعو له على منبره، ويسمّيه أمير المؤمنين، ونحن من ذلك براء، وقد اخترنا علىّ بن الكرمانىّ وأصحابه من قحطان وربيعة.» فضجّ من كان فى البيت بأنّ:
- «القول ما قال مزيد بن شقيق.» فنهض وفد مضر عليهم الكآبة والذلّة. ووجّه معهم أبو مسلم القاسم بن مجاشع فى خيل حتّى بلغوا مأمنهم، ورجع وفد علىّ بن الكرمانىّ مسرورين منصورين.