- «إيّها يا ديّوث!» قال محمّد: «سبحان الله، والله لقد عرفتني بغير ذلك صغيرا وكبيرا.» قال: «فمّمن حملت ابنتك وكانت تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وقد أعطيتنى الأيمان بالطلاق والعتاق ألّا تغشّنى ولا تمالئ علىّ عدوّى ثمّ أنت تدخل على ابنتك مختضبة متعطّرة ثمّ تراها حاملا يعجبك حملها، فأنت بين أن تكون حانثا أو ديّوثا، وأيم الله إنّى لأهمّ برجمها.» فقال محمّد:
- «أمّا أيمانى فهي علىّ إن كنت دخلت لك فى أمر غشّ علمته. وأمّا ما رميت به هذه الجارية فإنّ الله قد أكرمها عن ذلك بولادة [٤٠٢] رسول الله صلّى الله عليه إيّاها، ولكنّى قد ظننت حين ظهر حملها أنّ زوجها ألمّ بها على حين غفلة منّا.» فأحفظ المنصور كلامه وأمر بشقّ ثيابه فشقّ قميصه عن إزاره فأشفّ عن عورته ثمّ أمر به فضرب خمسين ومائة سوط فبلغت منه كلّ مبلغ وأبو جعفر يفترى عليه ولا يكنى فأصاب سوط منها وجهه فقال:
- «ويحك، اكفف عن وجهى فإنّ له حرمة برسول الله صلّى الله عليه.» قال: فأغرى أبو جعفر بأن يقول للجلّاد:
- «الرأس، الرأس.» فضرب على رأسه نحو من ثلاثين فكان السوط ينثني فيصيب وجهه فأصاب بعضها إحدى عينيه فندرت ثمّ أخرج فى ساجور [١] شدّ فى عنقه وقيود فى رجليه حتّى ردّ إلى أصحابه.