وكان ابن حضير يحمل راجلا، ويخالط العدوّ، فكانت الخراسانية إذا نظروا إلى ابن حضير تنادوا بينهم:
- «خضير آمذ، خضير آمذ.» فيتضعضعون إلى أن خالد الناس مرّة فضرب ضارب على أليته فحلّها، فرجع إلى أصحابه فشقّ ثوبا، ثمّ عصبها بظره، ورجع فضارب حتّى ضرب على حجاج عينه وخرّ، فابتدره القوم فحزّوا رأسه. وأقبل محمّد راجلا فجعل يقاتل على جيفته فضربه رجل على أذنه اليمنى فبرك لركبته وتعاودا عليه وصاح حميد بن قحطبة:
- «لا تقتلوه.» فكفّوا.
وجاء حميد فاحتزّ رأسه.
وحكى [٤٢٦] أخو الفضل بن سليمان النميري قال: كنّا مع محمّد قد أطفنا به وكان قد أطاف بنا أربعون ألفا أو أكثر، وكانوا حولنا كالحرّة السوداء، فقلنا له:
- «لو حملت لانفرجوا عنك.» فقال: «إنّ أمير القوم لا يحمل، إنّه إن حمل لم تكن بقيّة.» حتّى أصاب ابن حضير ما أصابه فحمل والتقوا عليه فقتلوه.
قال أبو الحجّاج الحمّال: كنت يوما قائما على رأس أبى جعفر وهو يسائلني عن مخرج محمّد إذ أتاه الخبر أنّ عيسى هزم، وكان متّكئا، فجلس فضرب بقضيب معه مصلّاه وقال:
- «كلّا، فأين لعب صبياننا بها على المنابر ومشورة النساء ما أنى لذلك بعد.»[١]
[١] . انظر الطبري (١٠: ٢٥٠) . وفى حواشي الطبري عن الأصول: «ما أتى كذلك بعد» .