- «أصلحك الله، إنّ بالكوفة رجالا لو قد رأوك ماتوا دونك، وإن لم يروك قعدت بهم أسباب شتّى، والرأى أن تخرج.» فقال له آخر:
- «إنّ هذه بلادي وبلاد [٤٤٨] قومي وأنا أعلم بها، فلا تقصد عيسى بن موسى ومعه هذه العساكر التي ضمّت إليه، ولكن دعني أسلك بك طريقا لا يشعر بك أبو جعفر إلّا وأنت معه بالكوفة.» فأبى عليه. قال:
- «فإنّا معشر ربيعة أصحاب بيات، فدعني أبيّت أصحاب عيسى.» قال:
- «إنّى أكره البيات.» فقال له هريم:
- «أصلحك الله، إنّك غير ظاهر على هذا الرجل حتّى تأخذ الكوفة، وإن صارت لك مع تحصّنه بها لم تقم له بعدها قائمة، ولى بعد بها أهيل، فدعني أسر إليها مختفيا فأدعو إليك فى السرّ، ثمّ أجهر، فإنّ القوم إن سمعوا داعيا أجابوه، وإن سمع أبو جعفر الهيعة بأرجاء الكوفة وليس معه رجال، لم يردّ وجهه شيء دون حلوان.» فأقبل على بشير الرحّال. فقال:
- «ما ترى يا با محمّد؟» فقال: «إنّا لو وثقنا بالذي يصف لكان رأيا، ولكنّا لا نأمن أن يجيبك طائفة منهم فيرسل إليهم أبو جعفر خيلا فتطأ البريء والنّطف والصغير والكبير، فتكون قد تعرّضت لمأثم، ولم تبلغ منه ما أمّلت.» قال هريم: فقلت لبشير:
- «أفخرجت حين [٤٤٩] خرجت لقتال أبى جعفر وأصحابه وأنت تتوقّى