- «إنّه كفاني الطلب، وصان وجهى عن السؤال، فلم أقف على باب عربىّ ولا عجمىّ منذ رأيته، أفلا يجب علىّ أن أذكره بخير وأتبعه [٤٨٤] بثنائى؟» قال: «بلى والله، لله أمّ نهضت عنك وليلة أدّتك، أشهد أنّك نهيض حرّة وغراس كريم.» ثمّ استمع منه، وأمر له ببرّ. فقال:
- «يا أمير المؤمنين، ما آخذه لحاجة، وما هو إلّا تشرّف بحبائك وتبّجح بصلتك.» وأخذ الصلة وخرج. فقال المنصور:
- «لمثل هذا تحسن الصنيعة، ويوضع المعروف. ويجاد بالمصون، وأين فى عسكرنا مثله!» وأبطأ المنصور عن الخروج إلى الناس والركوب، فقال الناس: هو عليل وكثّرا. قال: فدخل الربيع عليه، فقال:
- «يا أمير المؤمنين، لأمير المؤمنين طول البقاء والناس يقولون ... » قال: «ما يقولون؟» قال:
- «يقولون: عليل.» قال: فأطرق قليلا وقال:
- «يا ربيع، مالنا وللعامّة، إنّما تحتاج العامّة إلى ثلاث خلال، فإذا فعل بهم فما حاجتهم إذا أقيم لهم من ينظر فى أحكامهم، وينصف بعضهم من بعض، ويؤمن سبلهم حتّى لا يخافوا ليلهم ونهارهم، ويسدّ ثغورهم وأطرافهم حتّى لا يجيئهم عدوّهم، وقد فعلنا ذلك بهم.»