فأتّخذ لى فيه بئر، فدلّيت فيها فكنت كذاك طول مدّة لا أعرف عددها، وأصبت ببصرى وطال شعري واسترسل [٥٠٩] كهيئة شعور البهائم. قال: فإنّى لكذلك إذ دعى بى، فمضيت [١] وحملت إلى حيث لا أعلم أين هو، فلم أعد أن قيل لى:
- «سلّم على أمير المؤمنين.» فسلّمت. قال:
- «أىّ أمير المؤمنين أنا؟» قلت: «المهدىّ.» قال: «رحم الله المهدىّ» قلت: «الهادي.» قال: «رحم الله الهادي.» قلت: «الرشيد.» قال: «نعم.» قلت: «ما أشكّ فى وقوف أمير المؤمنين على خبري وعلّتى وما تناهت إليه حالي.» قال: «أجل، كلّ هذا قد عرف أمير المؤمنين، فسل حاجتك.» قال: قلت: «المقام بمكّة.» قال: «نفعل ذاك، فهل غير ذاك؟» قال: قلت:
- «ما بقي فىّ مستمتع لشيء ولا بلاغ.» قال: «فراشدا.»