للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسير بهرام في من سار بهم، واستخلافه أخاه على ما استخلف، في أنّ ذلك هرب من عدوّه، وإسلام لملكه. وتوامروا [١] في إنفاذ وفد إلى خاقان، والإقرار له [١٥٥] بالخراج، ومخافة منه، لاستباحة بلادهم، واصطلامه [٢] مقاتلتهم ووجوههم، إن هم لم يفعلوا ذلك ويبادروا إليه. فبلغ خاقان الذي أجمع عليه الفرس من الانقياد والخضوع. فأمنهم وتودّع وترك كثيرا من الجدّ والاستعداد، وآثر جنده أيضا ذلك. وأتى بهرام عين له من جهة خاقان، فأخبره بحاله، وحال جنده وفتورهم عن الجدّ الذي كانوا عليه.

فسار بهرام في العدّة الذين كانوا معه، فبيّت خاقان وقتله بيده، وانهزم من سلم من القتل منهم، وخلّفوا عسكرهم وأثقالهم. فأمعن بهرام في طلبهم يقتلهم، ويحوى الغنائم ويسبى الذرارىّ، وانصرف هو وجنده سالمين، وظفر بتاج خاقان وإكليله، وبخع له أهل البلاد المتاخمة لما غلب عليه، بالطاعة. وسألوه أن يحدّ لهم حدّا بينه وبينهم فلا يتعدّوه.

ثم بعث قائدا له إلى ما وراء النهر، فأثخنهم وأقروا له بالعبوديّة وأداء الجزية.

وانصرف بهرام بالغنائم العظيمة والتاج والإكليل [١٥٦] وما فيهما من الياقوت الأحمر وسائر الجواهر فنحلها [٣] بيت النار بآذربيجان.

ورفع الخراج عن الناس ثلاث سنين، وقسم في الفقراء مالا عظيما، وفي البيوتات وأهل الأحساب عشرين ألف ألف [٠٠٠ بن ٠٠٠ بن ٢٠] درهم.

وكتب كتبا إلى الآفاق يذكر فيها أنّ الخبر كان ورد عليه بورود خاقان بلاده وأنه مجّد الله وتوكّل عليه، وسار في سبعة رهط من أهل البيوتات، وثلاثمائة فارس من نخبة رابطته على طريق آذربيجان، وجبل القبق [٤] ، حتى نفذ إلى براري خوارزم ومفاوزها، وأبلاه الله أحسن بلاء، وذكر في الكتاب ما وضعه عن


[١] . توامروا تآمروا.
[٢] . اصطلمه: استأصله. صلمه: قطعه من أصله.
[٣] . نحل: أعطى وتبرّع.
[٤] . جبال قفقاز (لد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>