للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك بمنافسة الابن على المرتبة، ومعاداة الخادم، وملله طول الصحبة.» فترك ذاك أيّاما، ثمّ أراد أن يمتحن إبراهيم بن عثمان بمحنة تزيل الشكّ عن قلبه، والخاطر عن وهمه. فدعا الفضل بن الربيع فقال:

- «إنّى أريد محنة إبراهيم بن عثمان فيما رفع ابنه عليه، فإذا رفع الطعام فادع بالشراب وقل له: أحبّ أمير المؤمنين أن ينادمك إذ كنت منه بالمحلّ [٥٨٦] الذي أنت به، فإذا شرب، فانصرف وخلّنى وإيّاه.» ففعل ذلك الفضل بن الربيع، وقعد إبراهيم للشرب، ثمّ وثب حين وثب الفضل للقيام، فقال له الرشيد:

- «مكانك يا إبراهيم.» فقعد، فلمّا طابت نفسه، أومأ الرشيد إلى الغلمان، فتنحّوا عنه، ثمّ قال:

- «يا إبراهيم، كيف أنت وموضع السرّ منك؟» قال: «يا سيّدى، إنّما أنا أدون عبيدك وأطوع خدمك.» قال: «إنّ فى نفسي أمرا من الأمور أريد أن أودعكه، وقد ضاق صدري به وأسهرت [١] له ليلى.» قال: «يا سيّدى، إذا لا يرجع عنّى إليك أبدا، أخفيه عن جيبي ونفسي.» قال: «ويحك، إنّى قد ندمت على قتل جعفر بن يحيى ندامة ما أحسن أن أصفها، فوددت أنّى خرجت من ملكي وأنّه كان بقي لى، [٢] فما وجدت طعم النوم منذ فارقته ولا لذّة العيش منذ قتلته.» قال: فلمّا سمعها إبراهيم أسبل دموعه وأذرى عبرته ولم يملك نفسه وقال:

- «رحم الله أبا الفضل وتجاوز عنه، والله يا سيّدى، لقد أخطأت فى قتله

و


[١] . الضبط من الطبري (١١: ٧٠٠) .
[٢] . انظر الطبري (١١: ٧٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>