مثلها قطّ من الخيل والرقيق والثياب والمسك والأموال. فقعد هارون بالشماسيّة على دكّان مرتفع حين وصل إليه ما بعث به علىّ إليه، وأحضرت تلك الهدايا فعرضت عليه فعظمت فى عينه وجلّ قدرها عنده وإلى جانبه يحيى بن خالد، فقال له:
- «يا با علىّ، [٥٨٨] هذا الذي كنت تشير علينا إلّا نولّيه هذا الثغر، فقد خالفناك فيه، فكان فى خلافك البركة- وهو كالمازح معه وكان إذ ذاك على مرتبته الجليلة وموضعه اللطيف- فقد ترى الآن ما صحّ من رأينا فيه وفال [١] من رأيك.» فقال يحيى:
- «يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداءك أنا وإن كنت أحبّ أن أصيب فى رأيى وأوّفق فى مشورتي، فأنا أحبّ مع ذلك أن يكون رأى أمير المؤمنين أعلى، وفراسته أثقب، وعلمه أكثر من علمي، ومعرفته فوق معرفتي، وما أحسن هذا وأكثره إن لم يكن وراءه ما يكره أمير المؤمنين، وما أسأل الله أن يعيذه من سوء عاقبته وتباع مكروهه.» قال: «وما ذاك؟» قال: «ذاك أنّى أحسب هذه الهدايا ما اجتمعت له حتّى ظلم فيها الأشراف وأخذ أكثرها ظلما وتعدّيا، ولو أمرنى أمير المؤمنين لأتيته بأضعافها الساعة من بعض تجّار الكرخ.» قال: «وكيف ذاك؟» قال: «قد ساومنا عونا على السفط الذي جاءنا به من الجوهر، فأعطيناه به سبعة آلاف ألف فأبى أن يبيعه. فابعث إليه الساعة بحاجبى، فأمر أن يردّه إلينا