للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقّ، وأمر بقراءة عهده عليهم. فأظهر الناس السرور بذلك وانفسحت آمالهم وعظم رجاؤهم وعلت بالتكبير والتهليل أصواتهم وكثر الدعاء لأمير المؤمنين بالبقاء وحسن الجزاء.

ثمّ انصرف ودعا بعلىّ بن عيسى وولده وعمّاله وكتّابه فقال:

- «اكفوني مؤنكم [١] واعفونى من الإقدام بالمكروه [١٠] عليكم.» ونادى فى أصحاب ودائعهم ببراءة الذمّة من رجل كانت لعلىّ عنده وديعة، ولأحد من ولده أو كتّابه أو عمّاله فأخفاها ولم يظهر عليها، فأحضره الناس ما كانوا أودعوا إلّا رجلا من أهل مرو، وكان من أبناء المجوس، فإنّه لم يزل يتلطّف للوصول إلى علىّ حتّى صار إليه فأسرّ إليه وقال:

- «لك عندي مال فإن احتجت إليه حملت إليك أوّلا أوّلا وصبرت للقتل إيثارا للوفاء وطلبا للجميل من الثناء، وإن استغنيت عنه، حبسته عليك حتّى ترى فيه رأيك.» فعجب علىّ منه وقال:

- «لو اصطنعت مثلك قوما ما طمع فىّ السلطان ولا الشيطان أبدا.» ثمّ سأل عن قيمة ما عنده. فذكر أنّه أودعه مالا وثيابا ومسكا، وأنّه لا يدرى ما قيمة ذلك، غير أنّ ما أودعه بخطّه وأنّه محفوظ لم يشذّ منه شيء فقال له:

- «دعه فإن ظهر عليه، سلّمته ونجوت بنفسك وإن سلمت به رأيت فيه رأيى.» وجزاه الخير وشكر له فعله ذلك أحسن شكر، وكافأه عليه وبرّه. وكان يضرب به المثل وبوفائه. [١١] فذكر أنّه لم يشذّ على هرثمة من مال علىّ


[١] . فى آ، ومط والطبري (١١: ٧٢١) : مئونتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>