فأمر بما معه، ففتّش فلم يصيبوا معه شيئا. فتهدّده بالضرب فلم يقرّ بشيء، فأمر به فحبس وقيّد. فلمّا كان فى الليلة التي مات فيها هارون أمر الفضل بن الربيع أن يصير إلى محبس بكر بن المعتمر فيقرّره، فإن أقرّ وإلّا ضرب عنقه، فصار إليه يقرّره فلم يقرّ بشيء. ثمّ غشى على هارون فصاح النساء فأمسك الفضل عن قتله وصار [٢٥] إلى هارون ليحضره، ثمّ أفاق وهو ضعيف قد شغل عن بكر وعن غيره لحسّ الموت، ثمّ غشى عليه غشية ظنّوا أنّها هي، وارتفعت الصيحة فأرسل بكر بن المعتمر برقعة منه إلى الفضل بن الربيع يسأله ألّا يعجلوا بأمر، ويعلمه أنّ معه أشياء يحتاجون إلى علمها.
وكان بكر محبوسا عند حسين الخادم.
فلمّا توفّى هارون دعا الفضل ببكر فى الوقت والساعة فسأله عمّا عنده فأنكر أن يكون عنده، شيء وخشي على نفسه من أن يكون هارون حيّا، حتّى صحّ عنده موت هارون، وأدخله عليه فأخبره أنّ عنده كتبا من أمير المؤمنين محمد وأنّه لا يجوز له إخراجها وهو على حاله من قيوده وحبسه.
فأطلقه الفضل فأتاهم بالكتب فى قوائم المطابخ المجلّدة بجلود البقر، فدفع إلى كلّ إنسان منهم كتابه. وكان فى تلك الكتب كتاب من محمد بن هارون إلى الحسين الخادم بخطّه يأمره بتخلية سبيل بكر بن المعتمر وإطلاقه، فدفعه إليه، وكتاب إلى المأمون، فاحتبس كتاب المأمون عنده لغيبته بمرو، وأرسلوا إلى صالح بن الرشيد وكان مع أبيه بطوس [٢٦] وكان أكبر من يحضره هارون من ولده، فأتاهم فى تلك الساعة فسألهم عن أبيه هارون فأعلموه.
فجزع جزعا شديدا، ثمّ دفعوا كتاب أخيه الذي جاء به بكر وكان الذين حضروا وفاة هارون هم الذين ولوا غسله وتجهيزه وصلّى عليه ابنه صالح.
ولمّا قرأ الذين وردت عليهم كتب محمد بطوس من القوّاد والجند وأولاد