للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «فهل تثقون بأن يكفّ إذا أعطيناه ما سأل، فلا يتجاوز بالطلب إلى غيرها [١] ؟» قالوا: «لا، ولعلّ سلامة تقع من دون ما نخاف ونتوقّع.» قال: «فإن تجاوز بعدها بالمسألة، أفما ترونه قد توهّن بما بذل من نفسه فيها.» قالوا: «ندفع بمحذور الآجل محذور العاجل.» قال: «فإنّ الحكماء قبلنا قالوا: استصلح عاقبة أمرك باحتمال ما عرض فى مكروه يومك ولا تلتمس هدنة [٢] يومك بإخطار أدخلته على نفسك فى غدك.» فأقبل المأمون على الفضل وقال:

- «ما تقول فيما اختلفوا فيه؟» قال: «هل يؤمن محمد أن يكون طالبك بفضل قوّتك، ليستظهر بها غدا على مخالفتك، وهل يصير الخازم إلى فضله من عاجل الدعة بخطر يتعرّض له فى العاقبة؟ بل إنّما أشار الحكماء بحمل ثقل عاجل، فيما يرجون به صلاح عواقب أمورهم.» فقال المأمون:

- «بإيثار دعة العاجل صار من صار إلى فساد العاقبة فى أمر دنيا وأمر آخرة.» قال القوم:

- «قد قلنا بمبلغ الرأى والله [٣٧] للأمير بالتوفيق.» فقال: «اكتب يا فضل إليه:


[١] . فى الأصل والطبري (١١: ٧٨١) : غيرها وفى آ: غيره.
[٢] . هدنة: كذا فى الأصل. ما فى آ: مهمل بكامله. فى الطبري (١١: ٧٨١) : هدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>