الرشيد وأمير المؤمنين يرى اليوم لنفسه ولرعيّته ما لم يره الرشيد يومئذ.» فقال:«أفتثبت الحجّة عند عامّة الناس بهذا الحدث الذي أحدثه المأمون كما تثبت الحجّة له بمأخوذ عهده؟» قال: «لا.» قال: «أفحدث هذا الحدث عندكم ممّا يوجب نقض عهدكم ولم يكن حدث ولا كان معلوما.» قال: «نعم.» فقال الرجل ورفع صوته:
- «تالله ما رأيت كاليوم رأى رجل يشاور فى دفع ملك فى يده بالحجّة، ثمّ يصير إلى مطالبته بالعناد والمغالبة.» قال: فأطرق الفضل مليّا ثمّ قال:
- «صدقتني الرأى، ولكن أخبرنى إن نحن أغمضنا فى قالة العامّة، ووجدنا مساعدين من شيعتنا وأجنادنا، فما القول؟» قال: [٤٠]- «أصلحك الله، وهل أجنادك إلّا من عامّتك فى أخذ بيعتهم وتمكّن برهان الحقّ فى قلوبهم، أفليسوا وإن أعطوا ظاهر طاعتهم مع ما تأكّد من وثائق العهد فى معارفهم وعليهم بباطن أمورهم.» قال: «فإن أعطونا الطاعة فما يضرّنا من ضمائرهم.» قال: «لا طاعة دون ما ثبت من البصائر.» قال: «ترغّبهم بتشريف حظوظهم؟» قال: «إذا يصيروا إلى التثقّل، ثمّ إلى خذلانك عند حاجتك إلى مناصحتهم.» قال: «فما ظنّك بأجناد عبد الله؟»