للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة ويقول:

- «يا أولياء الله ويا أهل الوفاء، إنّكم لستم كهؤلاء الذين ترون من أهل الغدر والنكث. إنّ هؤلاء ضيّعوا ما حفظتم ونكثوا الأيمان التي رعيتم. فلو قد غضضتم الأبصار وثبّتم الأقدام لأنجزتم لله وعده، وفتح عليكم أبواب عزّه ونصره. فجالدوا طواغيت الفتنة ويعاسيب النار، وادفعوا بحقّكم باطلهم. فإنّما هي ساعة حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.» وقلق قلقا شديدا وحرص حرصا عظيما وجعل يقول:

- «يا أهل الوفاء والصدق والصبر، الصبر الصبر، الحفاظ الحفاظ.» [٦٨] فهو على ذلك حتّى وثب أهل الرىّ فأغلقوا أبواب المدينة فنادى طاهر:

- «يا أولياء الله اشتغلوا بمن أمامكم عمّن خلفكم فإنّه لا ينجيكم إلّا الجدّ والصدق.» ثمّ كان من أمرهم ما حكيناه قبل.

ولمّا ورد الخبر بغداد بقتل علىّ بن عيسى كثرت الأراجيف ومشى القوّاد بعضهم إلى بعض فقالوا:

- «إنّ عليّا قد قتل ولسنا نشكّ أنّ محمدا سيحتاج إلى الرجال واصطناع الصنائع وإنّما ترفع الرجال رؤوسها فى وقت البأس. فليأمر كلّ رجل منكم جنده بالشغب وطلب الأرزاق والجوائز، فلعلّنا نصيب فى هذه الحرّة [١] منه ما يصلحنا ويصلح جندنا.» فاتّفق رأيهم على ذلك وأصبحوا بباب الجسر، فكبّروا وطلبوا الأرزاق وبلغ الخبر عبد الله بن خازم، فركب فى أصحابه وفى جماعة كثيرة من قوّاد العرب فتراموا بالنشّاب والحجارة واقتتلوا قتالا يسيرا، وسمع محمد الضجّة


[١] . الحرّة: كذا فى الأصل وآ ومط: ما فى الطبري (١١: ٨٢٥) : الحالة. والحرّة: العذاب المرجع.
الظلمة الكثيرة. أو أرض ذات حجارة نخرة سود كأنّها أحرقت بالنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>