مكان أبيه ويوجّه إليه الخيل والرجال. وكتب [٧٠] إلى محمد يستمدّه ويستنجده فأجابه محمد يعلمه توجيهه عبد الرحمن بن جبلة الأبناوى ويأمره بالانضمام إليه فيمن تبعه. ولمّا بلغ طاهرا خبر عبد الرحمن توجّه إليه، فلمّا قرب من يحيى، قال يحيى لأصحابه:
- «هذا طاهر صاحبكم بالأمس، ولست آمن إن لقيته بمن معى أن يصدعنا صدعا يدخل وهنه على من خلفنا، ويعتلّ عبد الرحمن بذلك ويقلّدنى به العار والعجز عند أمير المؤمنين. فإن أنا استنجدته لم آمن أن يمسك عنا، ضنّا برجاله وإبقاء عليهم. والرأى أن نتزاحف إلى مدينة همذان فنعسكر قريبا من عبد الرحمن فإن نحن استعنّاه قرب منّا عونه وإن احتاج إلينا أعنّاه وقاتلنا معه.» قالوا: «الرأى ما رأيت.» فانصرف نحو همذان. فلمّا قرب منها خذله أصحابه وتفرّقوا عنه وأشرف طاهر على مدينة همذان ونادى عبد الرحمن فى أصحابه، فخرجوا على تعبئة، فصادف [١] طاهرا، فاقتتلوا قتالا شديدا، وصبر الفريقان وكثر القتلى والجرحى فيهم. ثمّ إنّ عبد الرحمن انهزم ودخل همذان وأقام بها أيّاما حتّى اندمل جراح أصحابه، وقووا ثمّ أمر [٧١] بالاستعداد وزحف إلى طاهر. فلمّا رأى طاهر أعلامه وأوائل خيله قال لأصحابه:
- «إنّ عبد الرحمن يتراءى لنا حتّى نقرب منه ثمّ يقاتلنا، فإن هزمناه بادر إلى المدينة فدخلها وقاتلكم على خندقها وامتنع بسورها، وإن هزمنا اتسع له المجال. فهلمّوا نقف له حتّى يقرب منّا ويبعد من خندقه.» فوقف طاهر مكانه وظنّ عبد الرحمن أنّ الهيبة بطّأت به عن لقائه والنفوذ
[١] . كذا فى الأصل وآ ومط: فصادف. ما فى الطبري: فصافّ، ولكلّ من الضبطين وجه.