للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها بشيء. فلمّا رأى ذلك، أطاف [١] بالحرس حتى أخذ رجلا من أهلها، فاستمال بقلبه، ثم سأله عن المدينة وملكها.

فقال: «أمّا ملكها فأحمق الناس ليس له همّ إلّا الشرب والأكل والجماع، ولكن له بنت [١٧٤] هي التي تقضى أمر الناس.» فمنّاه ووعده حتى طابت نفسه. ثم بعث معه هديّة إليها وقال:

- «أخبرها أنّى إنّما جئت من أرض العرب للذي بلغني من عقلها، لتنكحنى نفسها، فأصيب منها غلاما يملك العرب والعجم، وأنّى لم أجئ التماس المال، وأنّ معى من المال أربعة آلاف تابوت ذهبا وفضّة هاهنا، وأنا أدفعها إليها وأمضى إلى الصين، فإن كانت لى الأرض، كانت امرأتى، وإن هلكت كان المال لها.» فلمّا انتهت رسالته إليها قالت:

- «قد أجبته، فليبعث بالمال.» فأرسل إليها بأربعة آلاف تابوت، وفي كلّ تابوت رجلان. وكان لسمرقند أربعة أبواب، على كلّ باب منها أربعة آلاف رجل. وجعل شمر العلامة بينه وبينهم أن يضرب لهم بالجلجل. وتقدّم في ذلك إلى رسله الذين وجّه معهم. فلمّا صاروا في المدينة ضرب لهم بالجلجل. فخرجوا، فأخذوا بالأبواب ونهد [٢] شمر في الناس فدخل المدينة، وقتل أهلها وحوى ما فيها [٣] .

ثم سار إلى الصين. فلقى زحوف الترك [١٧٥] فهزمهم، وانتهى إلى الصين.

فوجد حسّان [بن] [٤] تبّع قد كان سبقه إليها ثلاث سنين. فأقاما بها- في بعض الروايات- حتى ماتا، وكان مقامهما إحدى وعشرين سنة. وفي بعض الروايات- وهو المجمع عليه-: أنّ شمرا وحسّانا انصرفا في الطريق التي كانا أخذا فيه،


[١] . مط: أطاق. أطاف بالشيء: ألمّ به، وأحاط به. طرقه ليلا.
[٢] . نهد: نهض ومضى. نهد لعدوه: صمد، وشرع في قتاله.
[٣] . أنظر الطبري ٢: ٨٩٠.
[٤] . زيادة من الطبري ٢: ٨٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>