من قريش، ابن قاض بمكّة يقال له: إسحاق بن محمد، كان جميلا بارعا فى الجمال. فاقتحم عليه بنفسه نهارا جهارا فى داره على الصفا مشرفا على المسعى، حتّى حمله على فرسه فى السرج، وركب علىّ على عجز الفرس، وخرج به يشقّ السوق. فلمّا رآه أهل مكّة ومن بها من المجاورين خرجوا، فاجتمعوا فى المسجد الحرام وغلّقت الدكاكين ومال معهم أهل الطواف بالكعبة، حتّى أتوا أباه محمد بن جعفر فقالوا:
- «لنخلعنّك ولنقتلنّك أو تردّ إلينا هذا الغلام الذي أخذه [١٣٩] ابنك جهرة.» فأغلق بابه وكلّمهم من شبّاك الشارع فى المسجد وقال:
- «والله ما علمت، فأمهلونى.» ثمّ أرسل إلى حسين بن حسن الأفطس وسأله أن يركب إلى ابنه فيستنقذ الغلام من يده. فأبى ذلك حسين وقال:
- «والله إنّك لتعلم أنّى لا أقوى على ابنك، ولو جئته لقاتلنى فى أصحابه.» فلمّا رأى محمد بن جعفر ذلك، قال لأهل مكّة:
- «آمنونى حتّى أركب إليه وآخذ الغلام.» فآمنوه فركب بنفسه حتّى صار إلى ابنه، فأخذ الغلام منه وسلّمه إلى أهله.
فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى أقبل إسحاق بن موسى العباسي إليهم، فاجتمع العلويّون إلى محمد بن جعفر وقالوا:
- «هذا إسحاق بن موسى مقبلا إلينا فى الخيل والرجال، وقد رأينا أن نخندق خندقا وتبرز شخصك ليراك الناس فيتحاربوا معك.» وبعثوا إلى من حولهم من الأعراب ففرضوا لهم وخندقوا بأعلى مكّة.
فورد إسحاق وقاتلهم أيّاما ثمّ كره إسحاق الحرب وخرج يريد العراق. فلقيه